أخر المواضيع
recent

البيولوجيا الجديدة - عندما يلتقي العقل بالمادّة ج21

عندما يلتقي العقل بالمادّة ج21

الخليّة في الجسم البشري، تعمل كما تعمل الكاميرا: 

فإذا كانت هنالك صورة ما في الخارج، فإنّها تسقط على العدسة، ثمّ تقوم العدسة بأخذ الصورة وتركيزها على الفيلم. فماهي الصورة التي ستُطبع على الفيلم؟ 

إنّها صورةٌ "تكميليّة"، من حيث أنّ الفيلم ذاتُه "يتكامل" مع ما يسقط عليه من الخارج. فالفيلم "موجبٌ" في جانبه الخارجي، و"سالبٌ" في جانبه الداخلي، وهذا يعني، أنّ "المادّة" التي بداخل الكاميرا، تتكامل فيزيائيّاً مع ما يسقط عليها من خارج الكاميرا. (الصورة): 





ودلالة ذلك، هي أنّ الخليّة، تعمل بالتحديد بذات الطريقة. فالخليّة "تلتقط" إشاراتٍ من البيئة، عبر غشائها الذي يمكن إعتباره بمثابة "العدسة" بالنسبة للكاميرا. ثمّ يقوم الغشاء بإرسال تلك الإشارات إلى نواة الخليّة، ثمّ تُباشر النواة بتعديل جيناتها، بحيث "تتكامل" تلك الجينات مع البيئة خارج الخليّة (كما رأينا من قبل، في العمل الذي قام به الدكتور "كيرنس"). 

فإذا إعتبرنا السّهم خارج الخليّة (الصورة أعلاه) "مُستضَدّاً" - كفيروس مثلاً أو باكتيريا - فسوف تصنع الخليّة بداخلها "أجساماً مُضادّة"، قادرةً على الإلتصاق بشكلٍ "تكميلي" مع المُستضَدّات القادمة من البيئة خارج الخليّة. حسناً إذاً. إنّ ذلك يعني أنّ "تركيبة" الخليّة، تنقفل بشكلٍ مُحكمٍ مع ما تُدركه الخليّة حِسّيّاً في البيئة خارجها. 

فماهي إذاً "وظائف" أعضائك؟ إنّها ما تراه (أي ما تُدركه حسيّاً). وهذا يعني أنّك عندما تفتح عينيك في الصباح، وترى صورةً ما، فإنّ خلايا جسمك ستستجيب لما تراه، عن طريق "تكامُلها" مع تلك الصورة. فإذا كان ما تراه يبعث على الشعور بالمرض بالنسبة لك، فستتّخذ خلاياك لنفسها وضعاً "مَرَضيّاً". 

ولكن بوسعك تغيير "مُعتقداتك"، بحيث ترى الأشياء أجمل بكثير حالما تفتح عينيك. فمالذي ستفعله الخلايا في جسمك حينئذٍ؟ هل ستكون في وضعيّة "نمو" أم "حماية" عندما يرى صاحبها صورةً "رائعة"؟ إنّها ستُصبح في وضعيّة "نمو"، ما يؤمّن لها الصيانة الذاتيّة والبقاء، والعافية لصاحبها. 

إنّنا الآن نعلم بأنّ هنالك "حاجزاً" يقوم بدور "المِصفاة - Filter"، وهو موجودٌ بين "الكاميرا"، وبين "الواقع" المرئي. وإذا ما قُمتَ بتعديل ذلك الحاجز، فسوف يحدث تعديل في الصورة المُلتقطة عند مرورها عبر ذلك الحاجز. (الصورة): 


الحاجز –المصفاة- في الكاميرا، أو The Shutter
الحاجز –المصفاة- في الكاميرا، أو The Shutter

والخليّة لها حاجز أيضاً، وهو يعمل كمصفاة، مثل الذي في الكاميرا. هذا الحاجز هو "المُعتقدات". فالمُعتقدات تتموضَع فيما بين "البيئة" من جهة، و"الخليّة" من الجهة الأخرى. ولذلك، فالمعتقدات هي "الحاجز" الذي يتحكّم بالإشارات القادمة من البيئة في طريقها للخليّة، بحيث يُمكن للخليّة أن تصنع بداخلها ما "يتكامل" مع ماهو موجود في البيئة خارجها. (الصورة): 


المعتقدات


فهذه إذاً هي الحقيقة، وهي غايةٌ في البساطة: إنّ العالم يحتوي على كلّ شيء، ولكنّكم لن تروا فيه إلاّ ما تعلّمتم أن ترَوه. فالتجارب التي مررتم بها في السابق، هي ما قام بتشكيل "المصافي" خاصتكم، والموجودة أمام أعينكم. فأنتم إذاً تمارسون حياتكم من خلال "مُعتقدات"، وهي مُعتقدات يمكن لها أن تعمل على تحويل الواقع، إلى واقعٍ "إنتقائي". 
فإذا مشَيتَ على الطريق وأنتَ خائف، فهل ستكون قادراً على الإنتباه لتلك الأزهار الجميلة هناك؟ أو لتلك الصورة الملوّنة على زاوية الجدار هناك؟ 

والحقيقة هي أنّك سوف تظلّ تبحث عمّا يُثير المزيد من الفزع فى داخلك. وعندما تبحث عن أشياء مُخيفة، فمالذي ستجدهُ؟ ستجد أشياء مُخيفة. وذلك لأنّ "الخوف" هنا، هو الذى سيُشكّل لك واقعك، لأنّ "المصافي" الخاصّة بك، ستعمل على "الإنتقاء" من بين ما يصل إليها عبر "مُعتقداتك". 

ولنفترض الآن بأنّني أحمل "إعتقاداً" مُخيفاً. وفجأةً تعثّرت قدماي بينما كنتُ سائراً على الطريق فقلتُ لنفسي: "يا للّعنة!"، فبدأتُ أحاول النهوض وعيناي مصوّبتان نحو الهرَب. وفي ذات الوقت، كان هنالك شخصٌ آخر يسير من ورائى، إلاّ أنّه كان يعيش حياةً مملوءةً بالحُب. ثم وفجأةً، تعثّرَت قدما ذلك الشخص على ذات الشئ الذى تعثّرت قدماي عليه. ثمّ صاح ذلك الشخص قائلاً "سبيكةٌ من الذهب .. !". لقد تعثّرت قدماهُ على سبيكة من الذهب!. فلماذا لم أكن أنا قادراً على رؤية الذهب؟ 

والإجابة: لأنّني لم أكن أبحث عن الذهب. فكلُّ ما كنتُ أبحث عنه كان "الخوف". 

إنّ القيام بتغيير العدسات، هو بمثابة القيام بِِ"تغيير المُعتقدات". 

وهذا شيء من المّمكن لك أن تفعله. إنّ بمقدورك تغيير حياتك، ولكن ينبغي عليك أوّلاً، تغيير "العدسات" التي تستخدمها. 

لقد إنطبع فينا مفهوم يرجع لبدايات ظهور "العقيدة الداروينيّة"، وهو مفهوم ينصّ على أنّ الحياة عبارة عن " صراع"، وأنّ البقاء فيها يعتمد على مقدرتك على شقّ طريقك عبرها بالقتال. 

ثمّ صارت تلك عقيدةً بالنسبة لنا، وأصبح الجميع في حالة "قتال". ولكنّنا عندما نقاتل، فإنّنا في الواقع إنّما نُقاتل "مُعتقدات"، ولا نقاتل شيئاً حقيقيّاً. وعندما تسمع الأخبار بصورةٍ يوميّة، فستجد فيها ما يدعو للخوف، وما يجعل "عدساتك" التي تستخدمها، تزداد كثافةً، ما يؤدّى بصحّتك للهروب من النافذة. 

وبغضّ النظر عمّا إذا كنتَ تحيا في وضعيّة "حُب"، أو وضعيّة "خوف"، فإنّ ذلك كلّه مُجرّد "إعتقاد". وما سأقوله لكم، هو أنّني كنتُ قد تعوّدتُّ على العيش في وضعيّة الخوف، إلاّ أنّ ذلك الخوف، قد قفز عبر النافذة خارج حياتي الآن. لأّنّني، وفي الساعة التي قمتُ فيها بتغيير "المصافي" الخاصّة بي، بدأت حياتي تتبدّل في الحال، وبدأت تأتي إلى حياتي أشياء، من حيث لم تكُن تأتي من قبل. 

لقد سمعتُم عن أجهزة "رسم المخ - EEG"، حيث توضع أسلاكٌ على الرأس لقراءة حركة المخ. أمّا هذا الجهاز (فى الصورة أدناه)، وإسمُه "جهاز رسم المخ المغناطيسى - MEEG"، فهو يمكنه قراءة حركة المخ، ولكن دون الحاجة لوجود أسلاك مُلامسةٍ للرأس بشكلٍ مباشر. 


جهاز الحث فوق الكمّى

فهنالك "مسبار" فوق راس الرجل على يمين الصورة. وهذا المسبار يُسمّى "سكويد -squid) super quantum induction device) "، أي "جهاز الحث فوق الكمّي"، وهو قادرٌ على قراءة الحقول المغناطيسيّة. 

وللمعلوميّة، فإنّه بينما تكون العمليّات العصبيّة دائرة في دماغك، فإنّ أفكارك لا تبقى "محصورةً" بداخل رأسك. وذلك لأنّ الموجات التي تصدُر عن دماغك حينها، تخرج في الواقع من رأسك، ويتمّ بثُّها، مثلها في ذلك، مثل الذرّات والجُزيئات. وهذا يعني أنّك إنّما تقوم بإرسال الطاقة وإستقبالها على الدوام. 

فأفكارك عبارة عن "طاقة" يتمّ بثُّها في الخارج، وهذا الأمر ليس شيئاً "غيبيّاً"، وإنّما هو حقيقةٌ فيزيائيّةٌ بحتة، تعتمد القوانين الفيزيائيّة البسيطة فيما يُعرف بقانون "إبهام اليد اليُمنى"، والذي ينُصّ على ما يلى: 

"إذا كنتُ أحمل أحد الأسلاك، وكان التيّار (الكهربائي) يسري في ذلك السِّلك في إتّجاه مُعيّن، ثم أمسكتُ بيدي اليُمنى، وكان إبهامى الأيمن يُشير في إتّجاه سريان التيّار في السِّلك، ثم أطبقتُ بكفي حول السِّلك، فإنّ أصابعي ستشير في إتّجاه الحقل المغناطيسي الموجود حول ذلك السِّلك، والناجم عن مرور التيّار فيه". 

الأعصاب عبارة عن "أسلاك". وعندما يسري النشاطٌ العصبي عبر الأعصاب الموجودة في الدماغ، فإنّ حقلاً مغناطيسيّاً سوف يتّجه خارجاً من الرأس، ثمّ يعود إلى الدّاخل مرّةً أخرى. (الصورة): 


الحقل المغناطيسي الناجم عن النشاط العصبي في الدماغ يتّجه خارجاً من الرأس ثمّ يعود إليه
الحقل المغناطيسي الناجم عن النشاط العصبي في الدماغ يتّجه خارجاً من الرأس ثمّ يعود إليه

إذاً، فالأفكار الدائرة في رأسك، يجري بثُّها في الخارج!
Grini

Grini

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.