أخر المواضيع
recent

المعنى الجديد للمعتقدات

المعنى الجديد للمعتقدات

هل سبق أن رغبت في تغيير أحد جوانب شخصيتك ولكن جانبا آخر أصر على أن ذلك مستحيل لأن برمجتك الجينية مسئولة عن الطريقة التي تفكر وتشعر وتتصرف بها؟ إن هذا الجزء الأخير منك يؤمن بأن جينات التعاسة وجينات الخجل وجينات البدانة وجينات الحظ التعس وغيرها من الجينات هي جينات تفرضها عليك طبيعتك البيولوجية. فوفقا لحظك، سوف يخبرك بأنه سيكون لديك مجموعة من جينات البؤس، بالإضافة إلى عدد لا بأس به من جينات الوزن الزائد، إن كانت تلك الجوانب التي تريد تغييرها. وهذا الجزء يقصد مساعدتك. ولكن في الوقت الذي يريد فيه حمايتك من إحباط الفشل، يبقيك عالقا في حياة تملؤها الأعذار. واستخدام عذر البرمجة الجينية لعدم فعل شيء إزاء خصائصك الشخصية التي تبغضها أمر شائع ومقبول في ثقافة اليوم.

لذا فقد تفسر حياتك في خضم رعب مستمر أو غير ضروري، مستخدما الطبيعة الجينية السالفة الذكر كمبرر، بأنها نتاج إمتلاكك وفرة مفرطة من خلايا الخوف التي لن تفارقك. وهكذا تكون قد شكلت عذرا رائعا. لا عجب إذن أن جزءا منك يصير خاملا حينما تحاول أن تتحلى بالشجاعة، حيث إنه يحدث نفسه قائلا: لا أستطيع تغيير طبيعتي البيولوجية، ومن ثم يتولد لديك شعور بالضعف وقلة الحيلة حينما تكون بصدد تغيير أي شيء بك صار متأصلا لدرجة أصبحت تشعر معها بأنه جزء من كينونتك وماهيتك. ويصح هذا بشكل خاص حينما تلاحظ خصائص وصفات ظلت تلازمك منذ أجل غير مستمى، وكتأكيد إضافي لفكرة أنك طالما كنت كذلك. داخل منظورك الإجمالي للعالم، يؤكد الجزء الخامل منك: ليس هناك شيء يمكنني فعله إزاء ذلك، فعلى الرغم من كل شيء ليس بقدوري تغيير طبيعتي البيولوجية الاساسية.

ولكن عذرا، فبفضل المبادئ سيضحى بمقدورك هذا بكل تأكيد.

بدأ الباحثون العمليون المشاركون في إجراء الأبحاث حول بيولوجيا الخلايا يدحضون الإعتقاد بأنه ليس بوسعنا تغيير طبيعتنا البيولوجية. فيبدو أن البشر يمتلكون بالفعل المقدرة على تغيير بل وحتى إبطال بعض من خرائطهم الجينية. والتفتح والفضول، بالإضافة إلى رغبة في التحرر من الأعذار، هما المطلبان الرئيسيان للتعرف على الأدلة المثيرة الخاصة بالطبيعة الجينية.

دكتور بروس ليبتون - أحد رواد الطريقة الجديدة لفهم الحامض النووي وهو عالم متخصص في بيولوجيا الخلايا، كان يدرس لطلبة الطب قبل تقاعده للتفرغ تماما لإجراء الأبحاث وإلقاء المحاضرات وفي كتاب مذهل يحمل اسم THE BIOLGY OF BELIEF  أكد ليبتون أن الحياة ليست خاضعة لسيطرة الجينات، بل أنه خلص من خلال أبحاثه إلى إستنتاج أنها مجرد مخططات. فالطاقة غير المرئية غير محددة الشكل التي تكون بيئة الجينات هي المهندس المعماري الذي يحول هذه المخططات إلى اللغز الذي ندعوه الحياة. فبعد أن إستشهد بمئات النتائج البحثية، خلص إلى أن النموذج الطبي القديم الذي يجسد أحجار البناء الأساسية بالحياة كذرات مادية هو نموذج مضلل وغير كامل، وفي معظم الحالات زائف، فمعالجة الأمراض بالعقاقير أو الجراحة كوسيلة لتسريع وتيسير الشفاء صارت تتطلب إعادة تمحيص.

واكتشافات ليبتون دفعته للإستقالة من كلية الطب جامعة ويسكنسون لأنه اكتشف أن ما كان يدرسه نموذج الجزيئات المادية بوصفه القوة المسيطرة في الحياة غير صحيح. فقد أدرك أن كلا من جسم الإنسان والكون نفسه عقلي وروحي بطبيعته. فهناك مجال من الطاقة غير المرئية الخالية تماما من أي من الخصائص المادية التي تشكل الجزيئات التي نطلق عليها خلايا، وهذا المجال غير المرئي هو القوة الوحيدة المهيمنة على الجسم. إذن فالجسم ليس آلة مادية في مجمله، فإن بوسعنا جميعا أن نكتشف كيف نسيطر على صحتنا ونؤثر بها.

وما هو أكثر إثارة للدهشة هو فهم ليبتون أن معتقداتنا الشخصية بما في ذلك مدركاتنا تمتلك المقدرة على التغلب على إرثنا الجيني وحامضنا النووي الخلوي. فمن الممكن التأثير على الجزيئات متناهية الصغر لقد صرنا نؤمن بأنها من يحدد مصيرنا بالحياة. بمعنى آخر. عندما نغير طريقة تفكيرنا ونتعلم أساليب جديدة للإدراك، يضحى بمقدورنا تغيير حامضنا النووي.

وهذا يعني أنه بوسعك التأثير على بنيتك الجينية وتغييرها بتعديل الطريقة التي ترى بها نفسك ومكانك في ظل هذا اللغز العظيم الذي يدعى الحياة. فمدركاتك لها القدرة على تغيير تكوينك الجيني، ومعتقداتك يمكنها السيطرة بل تسيطر بالفعل على بيولوجيتك. قد تبدو هذه فكرة متطرفة بل وحتى مستحيلة، ولكن ذلك الإدراك هو الذي سوف يجعلك تودع عادة تقديم الأعذار التي تبنيتها عن غير قصد.

وأنا أستحثك على أن تقرأ كتاب THE BIOLGY OF BELIEF بتعمق فهو سوف يلهمك كي تعيد برمجة عقلك على الإعتقاد القائل بأن أفكارك تلعب دورا يفوق ذلك الذي كنت تظن أنه يلعبه في تحديد ما يمكنك فعله، وما سوف تضطلع به في الحياة، وإلى أي مدى يمكنك أن تتقدم. 
Grini

Grini

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.